يعيش الانسان في حياته بإحدى النمطين: إما في المدينة أو في البادية, فالإنسان البدوي بعيد عن ضوضاء المدينة وازدحامها وكثرة سياراتها و تراكم عواملها الغازية السامة , في موضوعنا هذا نكتشف أسرار الحياة في البادية و عادات البدو عند العرب المسلمين. في طريقة عيشهم والعوامل المعتمدة في حياتهم و الجوانب الإيجابية للبادية, بتأمل و بحث عميق.

حياة بدو العرب و مواردهم المعيشية في البلدان الإسلامية
في كل البلدان العربية الإسلامية; تجد سكانها يعيشون في المدن و في البادية. ففي الجزائر مثلا تجد سكانها بمختلف أصولهم و قبائلهم يعيشون في البادية وفي الحضر. من أشهر البدو العرب في هذا البلد قبيلة العمور بمنطقة الجنوب الغربي الجزائري, و هي قبيلة عربية بدوية و امتداد لقبيلة بني هلال, التي قدمت من شبه الجزيرة العربية منذ قرون.
يعتمد البدو المسلمين في حياتهم على الأغنام; المورد الاقتصادي الوحيد الهام لمعيشتهم، والبهائم في تنقلاتهم , و على الخيمة التقليدية بمثابة بيت الرجل البدوي , باعتبارها الموروث الثقافي المميز لعادات المسلمين العرب منذ القدم و المسكن المتنقل العجيب. ينقلها متى شاء و ينصُبُها أين يتوفرالعشب و الماء, لها مكانة كبيرة في حياتهم , تتميز بمنظر رائع بداخلها. تجد فيها كل وسائل الراحة للإنسان البدوي.
أقسام و مكونات الخيمة البدوية

تنقسم الخيمة العربية في البادية إلى ثلاثة أقسام:
أولا: سقف الخيمة و يسمى; الفلجة التي يتكون منها سقف الخيمة وهو المحدد لحجمها يتألف من ستة الى عشرين فلجا.
ثانيا: الستاران, الستار الغربي و الشرقي و هما الجناحان الواقيان اللذان يستران الخيمة.
ثالثا: المقبلة و هي فم الخيمة, مجموعة من الفلجة تبنى على شكل دائري يجمع و يشد الى الستار الشرقي بأزرار, و داخل المقبلة توقد النار, و يخرج الدخان من فتحة دائرية الشكل, و تكون موجهة جهة القبلة دائما.
كما تتكون الخيمة البدوية عند المسلمين من عدة عناصر تساعد في بنائها و نصبها لتظهر بشكل جذاب منها:
لَفْليج: العنصر الأساسي في الخيمة ,منسوج من الصوف و الشعر, عرضه ذراع الى ذراعين و طوله بحسب طول الخيمة.
الطْرِيقَة: قطعة تنسج من الصوف و تلون بألون جميلة, عرضها شبران و طولها بحسب عرض الخيمة.
رْكَايز: ركيزتان من الخشب الصلب, بهما ترفع الخيمة من وسطها.
الحَمًار:هي قطعة من الخشب طولها ذراع, تمسك كل ركيزة من الركيزتين بفتحة في رأسها في طرف من طرفي الحَمَار, و هو يحمي الخيمة لا تمزقها الركيزتان.
الأعمد: مفرد عمود; هي التي تساعد على رفع الخيمة عن الأرض, و يكون عددها حسب حجم الخيمة.
الروابع: مفردها رابعة عبارة عن نسيج عرضه شبر و طوله مقدار ذراع. يخيط رأسها في آخر فليج و يشد طرفها الآخر بحبل يثبت بوتد و هما رابعتان يمين الطريقة و رابعتان يسارها.
الكاسر: يشبه الطريقة, غير أنه لا يتجاوز عرضة شبرا, و هما كاسران اثنان يكون كل واحد منهما في الجزء الأسفل من الخيمة في كلتا الجهتين, و على طوله ترفعه الأعمدة.
طوارف: هي الحبال التي تشد الخيمة بالأوتاد من كل الجهات.
زاجل: خشبة على شكل هلال, تستعمل عدة زواجل يشد في رؤوسها طرفا الطريقة و الكاسر, و الروابع ثم تشد الطوارف في الجزء السفلي من هذه الزواحل , ثم تمدد الطوارف جيدا و تربط في الأوتاد التي تغرز في الأرض جيدا.
الأوتاد: عيارة عن قضيب حديدي يشد اليه الطوارف, أو الحبال تمدد جيدا و تدق في الأرض دقا جيدا, لتثبيت الخيمة على الأرض تثبيتا جيدا.
لوني : و هو الجزء الأخير عبارة عن حفر دائرية الشكل تحيط بالخيمة لحمايتها من دخول الأمطار إليها.
دور المرأة في البادية في صناعة الخيمة
دور المرأة البدوية مهم جدا عند المسلمين العرب، تقوم بأعمال كثيرة و شاقة، فهي من تشرف على حياكة الخيمة، هي من تغزل بالمغزل من السَّدى و اللَّحْمة، و تحضر الأصبغة الملائمة للخيمة, كمادة الزاج و هو نوع من الملح يستعمل في الصباغة مع قشور الرمان المجففة. طريقة تحضيرها تأتي بإناء كبير حديدي مملوء بالماء ثم توضع أكوام الغزل و مادة الزاج و قشور الرمان يسخن الجميع جيدا,فتتحول خيوط الغزل إلى اللون الأسود بطريقة تقليدية و عجيبة لا يتأثر لونها بتغير العوامل الطبيعية, كالمطر و حرارة الصيف عكس الصباغة الاصطناعية الحديثة. وهذا من أسرار الحياة في البادية.
على ماذا يعتمد البدو في تجهيز خيامهم؟
يعتمد الرجل البدوي في تجهيز خيمته; على نفسه و هو الذي يصنع أثاث خيمته البدوية بيده معتمدا في ذلك على ما منحته الطبيعة من نبات; كنبات الحلفاء او خشب الأشجارأو من صوف و جلود الأغنام.

الأثاث المصنوع من الحلفاء
يعتمد المسلمين في البادية في أثاثهم على نبات الحلفة ينسج منها أغلب الوسائل المستعملة في المطبخ منها; الطبق الذي يأخذ شكل دائري, يوضع فيه جل المأكولات, و هو بمثابة الطاولة عند الرجل في المدينة, و الكسكاس المنسوج من الحلفاء يستعمل في طهي الكسكس, و المِحْلبة أو المحلب عبارة عن وعاء منسوج أيضا من الحلفاء, يُحلب فيه الحليب من ضرع الشاة , و المُحقن وهو القَمع يوضع في فم الأواني لصب السوائل فيها.
الأثاث المصنوع من الصوف
يستعمل المغزل في الفتل و غزل الصوف لصنع عدة وسائل منها:الغرارة: وهي وعاء كبير تحفظ فيه المواد الغذائية, و العْمَارة وهي المخلاة باللغة الفصحى التي يوضع فيها العلف للخيول التي تعلق على رؤوسها. كما تنسج من الصوف الأفرشة و الزرابي و الوسادة و السَماط, وغير ذلك من وسائل التغطية وحتى الحبال التي تسمى بالشَداد ، أي الأحزمة.
الأثاث المصنوع من الجلد
منها العُكَّة: عبارة عن كيس جلدي يصنع من جلد الشاة المسلوخة، يُحفظ فيه السمن, أو التمر و غير ذلك , السليخ: و هو عبارة عن جلد مدبوغ , تجمع فيه الزبدة بعد استخراجها من اللبن الممخوض بواسطة الشكوة الجلدية , كذلك الشنة و القربة و هي; وعاء من جلد الماعز يحفظ فيه الماء الشروب ليبقى باردا، مع إضافة اليه مادة القطران ليزيد عليه نكهة و طيبة, كذلك المزود و الظبية وهي أكياس جلدية, تستعملها المرأة البدوية لحفظ ادواتها التجميلية, كالمسواك و الكحل و غير ذلك, الرقعة و تسمى الثفال باللغة الفصحى و هي قطعة جلدية توضع تحت الرحا عند الطحن ليجمع فيها الدقيق.
الأثاث المصنوع من الخشب
و منها المغزل و هو آلة غزل الصوف, أو المبرم في رأسه سلك معقوف و به الفلكة تسمى فلكة المغزل بالفصحى يستعمل في فتل الصوف. والحمًارة تنصب على ثلاثة أعمدة, لتعلق عليها الشكوة عند مخض اللبن أو تعلق عليها القربة لتبريد الماء. و القصعة الخشبية دائرية الشكل من الأواني الأكثر استعمالا عند البدو المسلمين في تناول الوجبات الجماعية , غالبا ما يحضر عليها الكسكس عنما يكون جاهزا على الأكل.
الأثاث المصنوع من الحجر
من أهم الأثاث المصنوع من الحجر في البادية : الرحـا, و هي آلة طحين بها شقين علوي و سفلي بمحورها مقبض خشبي, يساعد على تحريك الرحا أثناء طحن الحبوب, كالقمح و غير ذلك.
تربية الأغنام في البادية و تصنيفها عند بدو العرب
يعتمد بَدوُ العرب المسلمين على تربية المواشي, منذ الأزل لا سيما كسب الغنم، فهم خبراء في تربيتها ورثوها عن الأنبياء و الرسل رضي الله عنهم أجمعين لما فيها من البركة في الرزق و الجاه, يسهرون على مواعيد إطعامها و سقيها و مواسم لقاحها و ولادتها. و لهم أسرار في معرفة تصنيف شياتها و علاماتها منها:

- الشاة البرقية :و هي النعجة ذات الرأس, و الوجه ذو اللون الأصفر.
- الشاة الشقرة:و هي النعجة ذات الرأس و الوجه, ذو اللون الأبيض الناصع.
- الشاة الصًرندية:و هي ذات الرأس و الوجه المرقط بالأبيض و الأسود أو الأبيض بالأحمر.
- الشاة الحمــًاء:و هي ذات اللون الرمادي لها عينان زرقاوان.
- الشاة القرنـــة:و هي التي لها قرنان.
- الشاة الصًقعـــة:لها نقطة بيضاء اللون على جبهتها.
- الشاة الزولاي:و هي ذات الصوف الناعم الطويل.
- الشاة الحرشة:و هي ذات الصوف المجعد.
- الشاة البتـــراء:و هي ذات الذيل القصير.
- شاة قٌرماط:وهي القصيرة الأذنين.
- الشاة البرشة:على جسمها نقاط مختلطة الألوان.
يضع أهل البادية علامات على أذن الشاة, لمعرفتها عند ضياعها ، يقومون بقطع جزء من أذنها على شكل هلال.
تصنيف سِنِّ الشاة في البادية
أما بالنسبة لسنً الشاة في مراحل حياتها. تمر بست مراحل :
- ولد الضأن عند الولادة خروف أو خروفة
- عند تمام السنة و دخوله في السنة الثانية فيسمى ثنــي أو حولي أو رخلة بالنسبة للأنثى.
- وإذا دخل السنة الثالثة; فهو رباع أو رباعية للأنثى.
- و إذا دخل السنة الرابعة سداس و الأنثى سدسة.
- و بعد السنة السادسة تسمى جامع بمعنى نمو أسنانها مجتمعة.
- ثم المرحلة الأخيرة للشاة تصبح شارف بعد سقوط جميع أسنانها.
ونفس التصنيف بالنسبة للماعز من حيث السن, أما عن تسمية ولد الماعز فيسمى الجدي ثم الجدع ثم العتروس أوالتيس و الأنثى تسمى المعزة. بالإضافة الى الإبل و النوق و الدواب كالبغال و الحمير يستفاد منها في الراوية لحمل أوعية الماء, و تستعمل في الرحيل و التنقلات من بادية الى بادية أخرى بحثا عن العشب و المياه.
عادات العرس في الباديـــة عند المسلمين
بعد الموافقة على الزواج, من طرف أهل العروسة على تزويجها للذي تقدم إليها يشرعون في تجهيز العروس بالملابس, و الحلي ثم يحضرون الهودج, أو ما يسمى عندهم بالعطوش الذي يقام على ظهر البعير ثم يجلسون عليه العروس. فينطلق الموكب العرسي مع الفرسان على جيادهم و هم يحملون البنادق فيطلقون طلقات البارود لإعلان العرس مع ضرب الدف (البندير).
يقول الشاعر بوحميدة محمد بن عيسى: و كذا من عطوش كالقبة الخضراء أعلى ظهر بعيرها يرغى مسكين. و خيالة فرسان قدامه ستــره تلعب بالبارود يساره و يمين.عندما يصل الموكب تستقبله النساء بالزغاريد, و ضرب الدفوف, فيدخلون العروس الى خيمتها التي يسمونها الحجبة. ثم تذبح الشياه و تقام الولائم و ألعاب الفروسية لمدة سبعة أيام.
ألعاب الفروسية عند البدو العرب
ألعاب الفروسية تجدها في البادية و حتى في المدن في المناسبات و التظاهرات الثقافية : وهي عبارة عن مجموعة من الفرسان على جيادهم و عددهم فردي; من خمسة الى سبعة تسمى بالكوكبة, أو العلفـــة يتوسطهم قائدهم بلباس موحد يتألف من العباءة بلون أبيض, و سروال فضفاض و عمامة بيضاء أو صفراء , ثم البرنوس يكون لونه أسود في الغالب, و ينتعلون الخف مع الحذاء و يضعون على سروجهم القطيفة المطرّزة باللون الأصفر الذهبي.
يقفون في صف واحد, و البنادق في أيديهم معبأة بالبارود. قبل الانطلاق على جيادهم يردد أحد الفرسان مقاطع شعرية بصوت مرتفع تعرف عندهم “باللّغطـــة”. و هي مقطوعات تتصف بالمدح بين الفارس و فرسه, ثم يقدم قائدهم إشارة انطلاق الكوكبة في انسجام و في صف واحد في النهاية يطلقون طلقات البارود في لحظة و دفعة واحدة و هم على جيادهم.
لقطات من فروسية الخيول بمناسبة التظاهرة الثقافية لوعدة الشيخ بوعمامة بمدينة مغرار جرى فيها الركب على الخيول العربية
لباس البدو من ثقافتهم الإسلامية
يتكون لباس العرب في البادية من العباءة ذات الأكمام, أو بدونها تسمى القرطاص و السروال المعروف باسم الحفاظ; سروال فضفاض ثم الجلباب من الكتان ثم يوضع البرنوس المعروف عندهم باسم السلهام, كلها ملابس من التراث الإسلامي، و للزينة يلبسون الهدون ذو اللون الأحمر و البني, و العمامة البيضاء .نعم ذلك هو اللباس الأصيل من أسرار و عادات العروبة في البادية.
أما المرأة البدوية, غالبا ما ترتدي الإزار تشده بزرين, و تشد وسطها بنطاق يسمى; الكرزية أو الحزام. و ضع فوقها رداء المعروف باسم المقرون و هو عبارة: عن نوع من الكتان الشفاف يستر كامل جسمها, و تجمع أعلاه فوق صدرها تسمى بالخلالة من الفضة البيضاء, ثم ترتدي الغناس و هو يشبه المقرون إلا أنه منسوج من الصوف.
تغطي المرأة البدوية رأسها بقطعة كتان: يسمى ملفٌــة يصل امتداده الى أسفل ظهرها, ثم تشدها بالفورانة ثم المنديل الأحمر به أهداب جميلة . بالإضافة الى زينة المرأة البدوية تضع في يدها أسورة و خواتم ذهبية و فضية تضعه على ساقيها, يسمى الخلخال يكون من الذهب أو الفضة. هذه من أسرار و عادات الحياة في البادية عند العرب.
أكلات بدوية عربية إسلامية
أكلة الرفيس: عبارة عن خبز يفرك جيدا و يضاف اليه التمر, منزوع النوى ثم يرفس باليدين و يدهن بالسمن الطبيعي الأصلي, يؤكل مع الشاي المشروب المفضل للبدو.
أكلة التاذيبة: وهي ما يتبقى من الدقيق المطبوخ مع الزبدة المستخرجة من اللبن مع إضافة التمر أثناء تحضير السمن الطبيعي الأصلي.
خبز الملًـــة: توضع عجينة الخبز في وسط الرماد الساخن المعروف باسم: البوغــــة بعد إزالة الجمر جانبا ثم بعد لحظات تخرج الخبزة لقلبها و تغطى بالجمر الى غاية نضجها تماما تستخرج من البوغة , ثم تمسح جيدا و تصبح جاهزة للأكل مع الشاي أو الحليب.
الجبـــن: يصنع بطريقة تقليدية يستعملون المجبنة أو ما يعرف عندهم بالحكّــة وهي جزأ صغير في كرش الخروف أو الجدي الرضيع تأتي بعد الإثني عشر فيذبح الخروف في شهره الأول من الرضاعة و بعد استخراجها تملّح بالملح و تجفف تحت الشمس اثناء تحضير الجبن يفتت جزءا منها على حليب دافئ ويترك للحظات و بعد أن يجبن الحليب يوضع في قطعة كتان به مسامات دقيقة فيعصر جيدا لفصل الميص, عن الجبن الذي أصبح جاهزا للأكل.

المَيْص: هو الماء المائل للاصفرار, يخرج من الحليب و اللبن, عندما يتعرض للحرارة.
الكليلة : و هي الأقـط باللغة الفصحة ذوقها حامض, تستخرج عن طريق طبخ اللبن فوق نار معتدلة ثم بعد عصرها يتناولونها مع الشاي عندما تكون رطبة أو تجفف تحت الشمس لتضاف الى بعض الأطعمة, كالكسكس المعروف باسم المردود.
اللّبــــا : و هو غذاء مفيد جدا لصحة الانسان يُحلب من الشاة أثناء ولادتها.
المعكْـــرَة: و هي عبارة عن مزيج من الدقيق الخشن و التمر و السمن الأصلي, و يعملونها على شكل كريات.
الزريزري: مزيج من الكليلة و التمر و السمن الأصلي, غالبا ما تُحضرعلى شكل كريات.
الــرُّب : و هو عصير التمر يستخرجونه عن طريق غلي تمرة الحميرة. بعد إضافة الماء على نار هادئة, ثم يمزج مع السمن الأصلي و يأكل بالخبز أثناء وجبة الفطور.
بالإضافة الى تحضير الوجبات الأخرى كالكسكس الطبق المشهور في البادية و هو معروف بجميع أنواعه, و الجبن و غير ذلك من المأكولات الطبيعية الصحية الخالية من المحفظات الغذائية الضارة, بصحة الانسان الذي يعيش في المدينة.
الشّـــواء في بادية العرب
يعتبر المشوي العادة المفضلة لأهل البادية, والأكلة الشهيرة عندهم خاصة عند اكرامهم للضيوف, يتم ذلك بذبح الشاة و شيَها على طريقتين: إما بشواء القفص الصدري “القاشوش”.أو شوائها كاملة وهو ما يعرف: بالمصـــوّر. تذبح الشاة فتسلخ و ينزع منها الأحشاء تطلى بالملح, و بعض التوابل شريطة أن يبقى رأسها المسلوخ متصلا مع جسدها.
تثبت فريسة الشاة بعد السلخ بعمود الشواء, الذي يتم إدخاله بمكان دبر الشاة و يخرج من رقبتها مرورا الى فكيها. لينتهي بها الى عينيها فوق أنف الشاة, ثم تشد رجليها الأماميتان خلف رأسها المسلوخ و رجليها الخلفيتان الى العمود بإحكام, باستعمال أسلاك مرنة مع وضع رأس العمود و مؤخرته على حجرة, بالقرب من يدي المكلف الذي يسهر على عملية تحريك الشواء فوق حرارة الجمر الذي تطرحه النار المشتعلة على يساره أو يمينه, حسب الاتجاه المعاكس للريح الى غاية نضج الشواء.
فيديو لفسحة في أعالي جبال البادية جرت فيها إعداد وجبة شواء على الطرقة البدوية:
كذلك تضاف وجبة الملفوف لأطباق الشواء و هي عادة من عادات الشواء العربي في البادية، يصنع الملفوف من كبد الشاة بعد تقطيعها الى قطع صغيرة مربعة الشكل, و تلف بشحم رقيق و هو الذي يغشي كرش و أمعاء الشاة يسمى” بأردى”بالعامية, و يسمى بالثرب باللغة الفصحة. تأخذ القطع الملفوفة في سفا فيد مصنوعة من الألمنيوم و تشوى فوق الجمر.

التصنيفات و التسميات للظواهر الطبيعية في البادية
للبدو خبرة في معرفة و تصنيف الظواهر الطبيعية, و رصيد علمي لا يستهان به. لا سيما في التنبؤ بالتقلبات الجوية لأن الرجل البدوي يعتبر الصديق الوفي للطبيعة و من خلال تجربته و إرثه العلمي من أجداده.
تسمية المطر يقال له “النًــو” عند أهل البادية, و هي في الأصل كلمة عربية فصحة :النٌـــوء. و يعني النجم إذا مال للمغيب و يقولون هذا “مزن”. و هو المطر الذي يهطل دفعة واحدة و إذا انقطع يقولون هذه شبـــابة و إذا سقط المطر على شكل قطرا ت خفيفة , يسمى عندهم الـــدُث كل هذه التسميات أصلها لغة عربية فصحة.
الأنواء عددها ثمانية و عشرون نجما و هم يعرفون جيدا هذه الأسماء, فلكل نجم أربعة عشرة يوما, و تنقضي مع انقضاء السنة. يدركون وقت دخول النجم في منزلته, و وقت خروجه بحسابات دقيقة حسب هذ النموذج:
وقت دخول النجم | وقت خروج النجم | تسميته |
26 نوفمبر | 08 ديسمبر | الشولة |
9 ديسمبر | 21 ديسمبر | النُّعيم |
22 ديسمبر | 3 جانفي | البلدة |
4 جانفي | 16 جانفي | الذابح |
17 جانفي | 29 جانفي | بولع |
30 جانفي | 11 فبراير | سعد سعود |
12 فبراير | 24 فبراير | سعد الخبية |
25 فبراير | 9 مارس | فرغ مقدّم |
10 مارس | 22 مارس | فرغ مؤخر |
23 مارس | 4 ابريل | بطن الحوت |
5 أبريل | 17 ابريل | النطح |
18 أبريل | 30 أبريل | البٌطين |
1 ماي | 13 ماي | الثريا |
14 ماي | 26 ماي | الدًبـــــران |
27 ماي | 8 جوان | الهيقعــــه |
9 جوان | 21 جوان | الهينعــــه |
22 جوان | 4 جويلية | الــــــذراع |
5 جويلية | 17 جويلية | النثــــرة |
18 جويلية | 30 جويلية | الطرفــــــه |
31 جويلية | 13 أوت | الجبهــــة |
14 أوت | 26 أوت | الزّبـــــره |
27 أوت | 8 سبتمبر | الصّرفــــه |
9 سبتمبر | 21 سبتمبر | العــــوّاء |
22 سبتمبر | 4 أكتوبر | السَمــــاك |
5 أكتوبر | 17 أكتوبر | الغفــــر |
18 أكتوبر | 30 أكتوبر | الزّبــــاني |
31 أكتوبر | 12 نوفمبر | الإكليــــل |
13 نوفمبر | 25 نوفمبر | القـــلب و هنا ينتهي حسابها |
من بعض الأقوال البدوية عن هذه الأزمنة : “ذابح و الكلاب ما تنابح وسعد سعود و الما يجري في العود”.
التجربة و الموروث البدوي; هي التي جعلت من الرجل البدوي قارئا و متعلما. في كل متطلبات الحياة في البادية خاصة عند العرب المسلمين، فهم يهتمون بهذه المنازل لمعرفة فصول السنة, و الاستعداد للتغيرات الطبيعية. يترقبون الشتاء طمعا في نزول المطر و ينتظرون حلول فصل الربيع و الخريف, ليمُنّ الله عليهم بما تخرج الأرض من عشب لمواشيهم, و يتأهبون لفصل الصيف لما فيه من حرارة شديدة و نقص في مياه الشرب فهم حقا رجال مبدعون.
التصنيفات الزمنية للفصول الأربعة عند أهل البادية
فصل الشتاء: يدخل يوم 29 نوفمبر, بمنزلة الشولــــة مدته واحد و تسعين يوما. و فيه أربعون ليلة عشرون منها تسمى ميتة و العشرون الأخرى حية, تدخل يوم 25 ديسمبر و تنتهي في 02 فبراير بمنزلة سعد السعود, فيقولون البدو أن سعد السعود به خمسة سود أي; الأيام الخمسة الأولى من منزلة سعد السعود تبدأ من 30 جانفي الى 03 فبراير تكون أشدُ بردا.
فصل الربيع: يدخل في 28 فبراير و مدته 91 يوما.
فصل الصيـف: يدخل في يوم 30 ماي مدته 92 يوما, تقسم في أيام العنصرة و الصمايم و هي كلها شديدة الحرارة،أيام العنصرة: تبدأ بع انقضاء شهر و ثمانية أيام من الصيف أي; يكون دخولها في 39 من الصيف يوم 07 جويلية بمنزلة النثرة, و تنتهي يوم 24 جويلية بمنزلة الطرفة, و بالتالي تكون مدتها 18 يوما.أيام الصمايم : تدخل في يوم 25 جويلية بمنزلة الطرفة وتدوم 40 يوما, منها أربعة أيام مأخوذة من الخريف أي تنتهي في يوم 03 سبتمبر.
فصل الخريـف: يدخل يوم 30 أوت بمنزلة الصًرفـة مدته 91 يوما.
من أقوال الرجل البدوي : “النّــو في غُشت (يعني:أواخر شهر أوت). يفرح مُولْ الرّخْلَة و يَقرَحْ مولْ النخلة”.
الجمع بين البداوة و الحضر
هل هي الحاجة للرجل العربي البدوي أم عصاميته؟ التي جعلت منه رجلا مبدعا, قويا يعتمد على نفسه هذه حقيقة أسرار و عادات الحياة في البادية, عيشٌ دون مرض على عكس الحياة في المدينة, التي يسجل بها العديد من الأمراض.فبالرغم من الوسائل المتاحة والرفاهية في العيش و توفر الطب و العلاج و الدواء بالمدينة, إلا أننا بعد الدراسة العميقة و بحثنا في الموضوع; ندرك جيدا أن الانسان لابد أن يحاول العيش بالجمع بين البداوة و الحضر. و يوفق بينهما أصالةً و معاصرةً ليملأ حياته, و يعيش سعيدا قويّ البنية , اذا تعب من المدينة يلجأ الى البادية و العكس صحيح.