باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المسلمين أما بعد:إن من أفضل الدعاء اليومي, الذي يحظى باهتمام كل مؤمن هو الاستعاذة من البلاء و الشقاء و الحزن و العجز و الكسل, لطلب السعادة و لطف القضاء في الدين و الدنيا من الله عز و جل,و النجاة مما يصيبنا من شدة ومشقة و بلاءات سواء كانت جسدية أو معنوية.

شرح الاستعاذة من البلاء و الشقاء و سوء القضاء
عن أي هريرة قال: ** كان النبي صلى الله عليه و سلم يتعوَّذُ من جَهد البلاء , و درك الشّقاء , و سوء القضاء , و شماتة الأعداء **.قال سفيان: في الحديث ثلاث , زدت أنا واحدة , لا أدري أيّتُهنَّ.
سفيان هو شيخ البخاري; راوي الحديث وقال: (في الحديث ثلاث, زدت أنا واحدة, لا أدري أيّتُهنَّ). و هذا إخواني من أدب روّاة الحديث و دقّتهم, و ورعهم و تقواهم في رواية الحديث.
الاستعاذة من البلاء معناه: المشقّة في البلاء, و دَرَك الشقاء أي; أتعوذ بك يا ربي من أن يُدركني شقاءٌ; و هو الشدَّة و العسر.و سوء القضاء, الاستعاذة من سوء القضاء في الدين و الدنيا, و البدن و المال, و الأهل, و قيل في -الفتح-. المراد بالقضاء; المقضي , لأن حكم الله كله حسن لا سوء فيه, و شماتة الأعداء, و هي فرح العَدوّ بالبلية و المصيبة التي تنزل على العبد.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في التعليق على هذه الزيادة –بتصرّف: (هي شماتة الأعداء). كما جاء مبينا في (مستخرج الإسماعيلي). من طريق شجاع بن مَخلَد عن سفيان الذي دار الحديث عليه, كما حققه الحافظ في الفتح (11/148)و قد رواه في بعض المرات دونها.
وقد ثبتت الاستعاذة من شماتة الأعداء في حديث آخر, من رواية بن عمر مرفوعا بلفظ: ** اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدَّين , و غلبة العدوّ , و شماتة الأعداء **.
عن أنس بن مالك قال: كان النبيّ صلى الله عليه و سلم يقول . ** اللمّ إني أعوذ بك من العَجز , و الكسل , و الجبن , و الهرم , و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات , و أعوذ بك من عذاب القبر **.
الاستعاذة من العجز و الكسل
كان النبي صلى الله عليه و سلم يتعوذ من العجز و الكسل, لأنها ليست من صفات المسلم النشيط و الدؤوب. أي; أننا لا نعجز عن عبادة الله, و الجبن و الهرم أي; أعراض الشيخوخة, و من فتنة المحيا و الممات, و الفتنة هي; الامتحان و الضلال, و الاثم و الكفر و الفضيحة, و عذاب القبر; ما يترتب بعد الموت من عذاب الذي يقع فيه أصحاب الذنوب و المعاصي. نسأل الله المغفرة و الهداية
و قال أيضا ,عن أنس قال: ** سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الله إني أعوذ بك من الهم و الحزن , و العجز و الكسل , و الجبن و البخل , و ضلع الدّين , و غلبة الرجال **.
الفرق بين الهم و الحزن
يقول العلماء: أنه هناك فرق بين الهمّ و الحزن بالرغم من أنهما يتقاربان في المعنى, فالحزن يكون عند وقوع الأمر, و الهمّ يتوقّع حُدوثَه و لم يحصل بعد, و الهمّ يعني; الغمّ (و العجز و الكسل و الجبن و البخل).
نعوذ بك ربي من الخذلان, و الضعف و القصور و الوهن, والتثاقل عن إتيان ما أمرنا الله من الطّاعات, (و ضلع الدّين). ثقل الدًّين و شدّته, على من يقترض المال لقضاء حاجته ولا يستطيع الوفاء بتسديده لأصحابه عند المطالبة. (و غلية الرجال). أي; قهرهم و شدة تسلطهم و لا تكون الغلبة إلا من الرجال الظّلمة.
إن هذا الدعاء صنفه العلماء من جوامع الكَلم,لأنّ فيه التعوّذ من جميع الرذائل التي تُضعف من حماس و قوّة المسلم, لهذا وجب علينا التعوذ منها كما كان يدعو شفيعنا و نبينا محمد صلى الله عليه و سلم في الاستعاذة من البلاء و الشقاء.
شرح مفصل لدعاء الاستعاذة من البلاء و الشقاء في موقع الكلم الطيب
ختاما يجب على كل مؤمن أن لا يغفل عن الاستعاذة بهاته الأربع :الاستعاذة من البلاء و درك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء, تأسيا بالنبي عليه الصلاة و السلام, و أن يتحرى في دعاءه جلب أسباب النجاة و العافية من المحن و من شرور المعاصي التي تنزل بالناس.
الفيديو التالي يبين فيه الشيخ الأسباب التي كان النبي صلى الله عليه و سلم يتعوذ بهذه الأربع:
اللهم أعنا على طاعتك و شكرك و ذكرك و حسن عبادتك و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.