باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين أما بعد: موضوعنا اليوم إخوتي; هو دعاء النصر و التوبة تأسيا بدعاء رسول الله صلى عليه و سلم, ويكون بعد التحميد و الاستغفار بتضرع و أدب, و الله المستعان.,

شرح دعاء النصر و التوبة
عن ابن عباس قال : سمعت رسول (و في رواية كان النبي صلى الله عليه و سلم) يدعوا بهذا : ** ربّ (و في الرواية الأخرى : اللهمّ) أعنّي و لا تُعن عليّ , و انصرني و لا تنصر عليّ , و امكُر لي و لا تَمكر عليّ , , و يسِّر لي الهُدى , و انصُرني على من بغى عليّ.
ربي اجعلني شكَّارًا لك , ذكَّارًا راهبا لك ,مِطواعا لك , مُخبتًا لك , أوَّاها منيبا.
تقبل توبتي , و اغسل حَوبتي , و أجب دعوتي , و ثبت حُجَّتي , و اهد قلبي , و سدِّد لساني , و اسلُل سَخيمة قلبي **.
معنى الحديث; اللهم أعني و لا تعن علي أي; لا تَغلب علي من يمنعُني من عبادتك من شياطين الانس و الجن, و انصرني ربي على نفسي الأمَّارة بالسوء و على الكفار, و امكُر لي و لا تمكر علي يقول فيه العلماء (المكر و الخداع , و هو من الله, إيقاعُ بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون).
الله خير الماكرين بعباده لعباده
فالله يمكُر بالعبد إذا بدَر منه خبث النيّة, و سوء الصنيع مع عباده الصالحين الدعاة اليه, بدعاء النصر و التوبة, و الله يستدرجُ الماكر فيمكرُ به الله و هو خير الماكرين, و في مكره سبحانه و تعالى خيرٌ و حكمة و المعنى; امكُر لي يا ربي بمن أراد بيّ شرا و باطلا, و يسِّر لي الهدى أي سهّل اليّ طريق الهداية و الاستقامة.
و انصُرني على من ظلمني و تعدَّى عليّ, واجعلني شكَّارا لك, فيه صيغة مبالغة أي أن تجعلَني كثير الحمد و الشكر لك, و ذكّارا لك أي أذكرك بكثرة و في كل وقت في الصباح و المساء قائما و قاعدا, و راهبا لك أي; خائفا و خاشيا منك في السّراء و الضرّاء, مِطواعا لك.
أي طائعا لك بكل قوّتي و منقادا اليك, مُخبتا لك أي خاشعا و خاضعا لك بكل تواضع و طمأنينة يا الله, مصداقا لقول الله عز و جل ***((و أَخبَتُوا الى ربهم )) و قوله أيضا ***((و بشّر المُخبِتين , الذين إذا ذُكر الله وَجلَت قلوبُهم و الصابرين على ما أصابهم ,و المقيمي الصلاة و مما رزقناهم ينفقون.)) صدق الله العظيم من سورة الحج .
بمعنى: اطمأنت النفس الى ذكره, و سكنت الى أمره و وفازت بالنصر و التوبة المرجوة من عند الخالق, (أوّاها). صيغة مبالغة, و المتأوّه هو; المتضرع بدعائه الى الله عز و جل الكثير البكاء و الدعاء , و منيبا: تعني الرجوع و التوبة الى الله سبحانه.
يقول العلماء: التوبة رجوع من المعصية الى الطاعة, و الانابة من الغفلة الى الذكر. يقول الله في محكم تنزيله يصف النبي الخليل ابراهيم عليه الصلاة و السلام :***((إنّ ابراهيم لحليم أوَّاهٌ منيب)).من سورة هود.
قبول دعاء النصر و التوبة
(تقبل توبتي). قبول الله للتوبة النصوحة التي تستوفي الشروط, قال الله عز و جل: (و هو الذي يقبل التوبة عن عباده). من سورة الشورى.
(و اغسل حَوبتي). أي; طهّرني من إثمي و ذنوبي, (و أجب دعوتي). أي ; دعائي اليك (و ثبت حجّتي). أي; على أعدائك في الدنيا, أو ثبت قولي و إيماني في الدنيا, و ثبتني عند جواب الملكين في القبر.
(و اهد قلبي). معناها الهداية من قلبي الى الطريق المستقيم, و معرفة الرب جل و علا و معرفة حلاله فأتّبعُه, و معرفة الحرام و اجتنابه. (وسدّد لساني). تصويب اللسان للنطق بالحق و الصدق, (واسلل سخيمة قلبي). والسّخيمة; هي الضغينة و الغلّ و الحقد التي تسكن في قلب ابن آدم و اسلل أي; أخرجها من قلبي .
صديقي المسلم يقول العلماء: أن هذا الحديث من جوامع الدعاء, فاحرص على ما ينفعك من سنة نبينا في الدعاء و الاستغفار و الذكر, و عليك بالتوبة النصوح.
فاللهم علمنا بما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.