باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله خير خلق الله و بعد: تحية السلام في الإسلام من أعظم الشعائر التي تجسد معاني الألفة والمحبة بين النس، إذ تحمل في كلماتها دعاءً شاملاً بالسلام والرحمة والبركة. جعلها الإسلام وسيلة لنشر الأمان والاستقرار في المجتمع، معززة لقيم التآخي وإحلال السلام و الطمأنينة فما هي أحكامها و فضائلها ؟

تحية السلام و ثوابها
عن أبي هريرة : أنَّ رجلا مرَّ على رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو في مجلس فقال : السلام عليكم فقال: *عشر حسنات* فمرَّ رجل آخر فقال السلام عليكم و رحمة الله , فقال : * عشرون حسنة * فمرَّ رجل آخر فقال:السلام عليكم و رحمة الله و بركاته , فقال :* ثلاثون حسنة * فقام رجل من المجلس و لم يسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:* ما أوشك ما نسي صاحبكم ! إذا جاء أحدكم المجلس فليُسلِّم , فإن بدا له أن يجلس فليجلس و إذا قام فليسلِّم , ما الأولى بأحق من الآخرة *
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: * إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض , فافشوا السلام بينكم*.
إن السلام اسم من أسماء الله الحسنى, و تحية السّلام لها فضل كبير. تنال منها الحسنة بدرجات أكبر كلما زدت عليها, وتجلب لك المودَّة و المحبة بين المسلمين, فأحرص يرحمك الله عند قدومك لأي مجلس, أو أي جمع من إخوانك أن تلقيها كاملة : السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته, و بأدب لتنال الثلاثين حسنة.
التسليم بتحية السلام عند المجالس
يعلمنا نبينا صلى الله عليه و سلم, أدب تحية السلام عند قيامك من مجلسك, قبل أن تفارقه أن تسلِّم أيضا. ما الأولى بأحقّ من الآخرة أي; التسليمة الأولى ليست بأولى, و لا أليق من الآخرة. و جاء في تفسير العلماء; أن التسليمة الأولى تخبر فيها حضور المجلس عن سلامتهم من شَرِّك, و الثانية سلامتهم من شَرِّك عند الغيبة.
وليست السلامة عند الحضور, أولى من السلامة عند الثانية, كما أنه يجب على الجماعة ردَّ تحية السلام على الذي يسلم عند المفارقة. صديقي المسلم لعلَّك أدركت أن تحية السّلام أثناء مغادرة المجلس; أدب يكاد متروكا عند البعض و أوجب علينا إحياءه.
تحية السلام للماشي على القاعد
عن عبد الرحمن بن شبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: * ليسلِّم الراكب على الراجل , و ليسلِّم الراجل على القاعد, وليسلِّم الأقلُّ على الأكثر , فمن أجاب السلام فهو له و من لم يجب فلا شيء له *.بمعنى لا شيء له من الأجر و الثواب من امتنع عن رد تحية السّلام و ردها واجب على كل مسلم سمعها.مصدقا لقول الله عز و جل:(وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) صدق الله العظيم.
آداب تحية السلام
من آداب تحية السلام;تسميعها أي: رفع الصوت أثناء إفشائها لسماعها, و يستثنى في ذلك عند الدخول على مجلس فيه أيقاظ و نيَّام. فالسنة كما قال العلماء أن تسمع اليقظان, و لا تسمع النائم. و روي عن المقداد بن الأسود أنه كان النبي صلى الله عليه و سلم يجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما, و يسمع اليقظان. كان عليه الصلاة و السلام يتوسط في إلقاء السلام بين الرفع و المخافتة, يراعي حال النائم فلا يزعجه و يعطي حق اليقظان يسمعه تحية السلام.
كذلك من أدب تحية السلام في الإسلام;استعمال الطيب بدهن اليدين برائحة طيبة لأنه من تمام التحية أن تصافح أخاك بيد طيبة و نظيفة, كما روي عن ثابت البناني : أن أنسا; كان إذا أصبح دهن يده بدهن طيب, لمصافحة إخوانه.
التسليم بتحية السلام بالمعرفة
عن عبد الله بن عمرو: أن رجلا قال: يا رسول الله! أي الإسلام خير ؟ قال: * تطعم الطعام , و تقرئ السلام على من عرفت و من لم تعرف *.
إشارة الى تعميم إلقاء التحية على عامة الناس كافة, أن لا تخص بها أحدا دون أحد, لأن المؤمنون كلهم إخوة. نعم! صديقي المسلم هذا أدب رفيع ينبغي عليك تذكره, و العمل به يكاد مهجورا بين المسلمين في يومنا هذا!.
فضائل تحية السلام
من فضائل تحية السَّلام ,تعميم المودة و المحبة بين سائر خلق الله، و بها نبدأ بإصلاح ذات بيننا، و نَبْتُر الأحقاد من صدورنا، و نتميز بها عن الأمم الأخرى، و لها فضل كبير في تنوير المجالس بالطمأنينة و الوقار، و في رد تحية السلام دعاء لقائلها بالأمن و الرحمة و البركات، و تجعل من قائلها انسانا محترما يتصف بالتواضع والفوز بالثواب و الحسنات لمن يفشيها و لمن يردها بزيادة، و هي من أسباب دخول الجنة. لقوله صلى اللهعليه و سلم :(يا أيُّها النَّاسُ، أفْشوا السَّلامَ، وأطْعِموا الطَّعامَ، وصِلوا الأرْحامَ، وصَلُّوا والنَّاسُ نِيامٌ تَدْخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ)
نختم موضوع تحية السلام , بدعاء الرسول صلى الله عليه و سلم: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا و الآخرة ,اللهم إني أسألك العفو و العافية في ديني و دنياي و أهلي و مالي, اللهم استر عوراتي و أمن روعاتي , اللهم احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي و من فوقي , و أعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي .
مصادر المقال :باب إفشاء السلام كتاب صحيح الأدب المفرد