باسم الله و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين أما بعد: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام الى صلاة من جوف الليل يدعو بدعاء التهجد قائلا:** اللهم لك الحمد ’ أنت نور السماوات و الأرض و من فيهنّ , و لك الحمد , أنت قياّم السماوات و الأرض , و لك الحمد أنت رب السماوات و ألأرض و من فيهنّ , أنت الحقّ , ووعدك الحق , و لقاؤك الحق , و الجنة حق , و النار حق , و الساعة حقاللهم لك أسلمت , و بك آمنت , و عليك توكلت , و إليك أنبتُ , و بك خاصمتُ , و إليك حاكمتُ , فاغفر لي ما قدّمت و أخّرتُ , و أسررتُ و أعلنتُ , أنت إلهي , لا إله إلا أنت **.

شرح دعاء التهجد
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل يتهجّد,(اللهم لك الحمد, أنت نور السماوات و الأرض و من فيهنّ). أي; أنت يا ربي مُنوّرهما, و مُظهرهما و خالق نور السماوات و الأرض, بك استضاء الكون كله و سَطع, و خرج من الظلام إلى النور, و نور الله واسع الإشراق و ثاقبُ في الإضاءة.
(و لك الحمد, أنت قياّم السماوات و الأرض, و لك الحمد أنت رب السماوات و ألأرض و من فيهنّ). أنت ربي – ولا إله غيرّك – القائم بأمور الخلق, و مدبّر الكون في جميع شؤونه و أحواله, (أنت الحقّ , ووعدك الحق). أنت على عهدك و وعدك الحقّ في جَزاء عبادك في الإنعام و الانتقام.
(و لقاؤك الحق). يوم لقاء الله بعد الممات في الآخرة, (و الجنة حق, و النار حق, و الساعة حق). الجنة و النار هي; جزاء الله لعباده مقابل أعمالهم. فالجنة موجودة حقا و النار موجودة حقا, لا شك في ذلك, و الساعة حق أي; يوم القيامة الموعود و فيها الحساب و الميزان و الصراط.
(اللهم لك أسلمت, و بك آمنت). أسلمتُ لك ربي, و بك آمنتُ, و بكتبك ورسلك مصدقا و ملتزما بما جئت, و أنا على دين الإسلام و على هدي نبيك محمد صلى الله عليه و سلم .
(و عليك توكلت). أعتمدُ عليك يا ربي في كل شيء, أمري بين يديك, و ماضٍ فيَّ حكمك.
(و إليك أنبتُ). أي فوّضتُك أمري في جميع أحوالي.
(و بك خاصمتُ). بك أُخاصم أعداءك, و من كفر بك بما ألهمتني من القوة و الحجة القاطعة.
(و إليك حاكمتُ) : أنت الحاكم يا الله بيني و بين كل من جحد الحق.
(فاغفر لي ما قدّمت و أخّرتُ, و أسررتُ و أعلنتُ). اغفر لي قبل هذا الوقت و بعده, و ما أخفيتُ و أظهرتُ, أو حدّثتُ به نفسي, و ما تحرك به لساني.
(أنت إلهي, لا إله إلا أنت) أنت ربي لا شريك لك , و لا معبود سواك.
نزول الله عز و جل كل ليلة
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ** ينزل ربنا تبارك و تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثُلث الليل الآخِر , فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له **
يقول العلماء: هذا وقت شريف, ينزل فيه الربّ جلا و علا, يتكرّم فيه على عباده بإجابة الدعاء, و إعطائهم ما يسألونه و يغفر لمن يستغفره, و هو وقت الاستغراق في النوم لأهل الملذات, و الرفاهية و وقت غفلة و خلوة, فلذلك نبه الله عباده بأهمية هذا الوقت في دعاء التهجد من ثلث الليل الأخير, طلبا من المولى عز وجل المغفرة من الذنوب و الهداية.
و فائدته على من آثر القيام لمناجاة ربه, و التضرع إليه و رغبته في الفوز بما حضّره الله له في هذا الوقت من النعم و إجابة الدعاء و المغفرة, و نزول الله عز و جل على الوجه الذي يليق بجلاله من غير تكييف و لا تمثيل, و لا تعطيل كما قال جمهور السلف, أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال -ينزل – و لم يقل كيف ينزل , و الله ليس كمثله شيء و هو السميع البصير.
التَّأَسِّي بالنبي في دعاء التهجد
أخي المسلم , لقد غفر الله لنبيه الكريم ما تقدم من ذنبه و ما تأخر, و هو المعصوم صلى الله عليه و سلم و مع ذلك كان مواظبا على دعاء التهجد, يدعو ربه و يسأله الغفران إجلالا و تعظيما له, ليكون نبي الله عبدا شَكورا, و معلما لأمته, و تكون لنا فيه أسوة حسنة .
فاللهّم اجعلنا من المقتدين بسنة نبيك الكريم و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
مجموعة من أذكار المغفرة تفيدك اخترناها لك من موقع إسلام ويب