باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله أما بعد:دعاء النوم و الاستيقاظ هو من اعظم الأدعية, فيه يطلب المسلم الحماية والراحة و الطمأنينة. في فترة النوم ليلا، ثم دعاء الشكر على نعمة الإستيقاظ بصحة و عافية لبدء يوم جديد بروح إيجابية وإيمان قوي.

شرح دعاء النوم والاستيقاظ
عن حذيفة قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أردا أن ينام قال: ** باسمك اللهم أموت و أحيا و إذا استيقظ من منامه قال الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور **.
أي; بذكر اسم الله أموت و أحيا ما حييت و عليه أموت, فأنت إلهي, تُميتني و أنت تحييني. لأن النوم أحبتي في الله ;هو أخو الموت و الذكر في بدء النوم هو التهيؤ للموت لأنه خاتمة أمره و عمله, و الدعاء بحمد الله عز و جل بعد الاستيقاظ على نعمة اليقظة بصحة و عافية, و في الدعاء (و إليه النشور). تذكير بالبعث يوم القيامة و الإحياء بعد الموت.
عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أوى إلى فراشه قال : ** الحمد لله الذي أطعمنا و سقانا و كفانا و آوانا , كم ممن لا كافي له , و لا مؤوي **.
الحمد لله الذي رزقنا فأطعمنا و سقانا و جعل لنا المأوى, و لسنا كممن لا كافي له و لا مأوى له و الحمد لله على نعمه التي لا تحصى.
قراءة القرآن في دعاء النوم و الاستيقاظ
كان من أدب رسول الله صلى الله عليه و سلم قراء القرآن في دعاء الاستيقاظ و النوم قبل نومه, فعن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا ينام حتى يقرأ (**الم تنزيل*السجدة* ) و (تبارك الذي بيده الملك). قال الزبير: فهما تفضُلان كل سورة في القرآن بسبعين حسنة, و من قرأهما كتب له بهما سبعون حسنة, و رُفع بهما له سبعون درجة, و حطَّ بهما عنه سبعون خطيئة **.
و المعنى أنه صلى الله عليه و سلم كان من عادته الدعاء في دخول وقت النوم. يقرأ سورة السجدة و سورة الملك, و من قرأهما كتب له بهما سبعون حسنة, و رُفع بهما له سبعون درجة و حُطّ بهما عنه سبعون خطيئة.
الاستعاذة من الدَّين و الفقر في دعاء النوم و الاستيقاظ
عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا أوى إلى فراشه : ** اللهم رب السماوات و الأرض , و رب كل شيء , فالق الحب و النوى , منزل التوراة و الإنجيل و القرآن , أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته , أنت الأول فليس قبلك شيء , و أنت الآخر فليس بعدك شيء , و أنت الظاهر فليس فوقك شيء , و أنت الباطن فليس دونك شيء , اقض عني الدّين , و أغنني من الفقر **.
فالق الحب أي: يشقُّ الحبة فيخرج منها السنبلة و نحوها, و النوى هي عظم النخل يعني يا من شقهما فأخرج منها الزرع و النّخيل, و التعوّذ من شر كل ذي شر آخذ بناصيته: أي من شر كل المخلوقات, لأنها كلها في سلطان رب السماوات و الأرض, و هو آخذ بنواصيها و الناصية هي مقدمة الرأس, و أنت ربي الأول بلا بداية و الآخر بلا نهاية, و الدعاء فيه استعاذة من الدًّين و الفقر, لأن آفة الفقر تشغل عن الطاعات.فتذكر هذا الدعاء عند دعاء النوم و الاستيقاظ كل ليلة.
و لكن يجب علينا لمن أبتلي بهذه الآفة أن يجمع بين مجاهدة النفس في إحسان الطاعات , و التوكل على الله و الرضا بقسيمة الله عز و جل و يتقي الله في البلاء , و يتيقن بعدها أن الله سوف يرزقه و يخرجه من الفقر مصداقا لقول الله عز و جل **(( و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب ))*** و قال أيضا **(( و من يتوكل على الله فهو حسبه))**.
عن البراء بن عازب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أوى إلى فراشه نام على شقُّه الأيمن , ثم قال : *** اللهم أسلمتً نفسي إليك , ووجهت بوجهي إليك ,و فوضت أمري إليك , و ألجأت ظهري إليك , رغبة و رهبة إليك , لا منجا و لا ملجأ منك إلاّ إليك , آمنت بكتابك الذي أنزلت , و نبيك الذي أرسلت **. (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:) من قالهن ثم مات تحت ليلته مات على الفطرة **.
طريقة النوم عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن البراء قال: كان الني صلى الله عليه و سلم إذا أراد أن ينام, وضع يده تحت خدّه الأيمن و يقول ** اللهم قني عذابك , يوم تبعث عبادك *
هذا من عظيم دعاء النوم و الاستيقاظ, كان من أدب رسول الله النوم على شقه الأيمن واضعا يده تحت خدّه الأيمن, و معنى الحديث; الاستسلام و الانصياع بكل جوارحنا, و الانقياد لأوامر و نواهي الرب جل و علا , و مخلصين في ذلك بالتوجه و التوكل على الله عز و جل في جميع شؤوننا و الاستعانة به, و اللجوء إليه رغبة و طمعها في الأجر و الثواب, و خشية من عقابه.
و لا مفر منك يا ربي, إلاّ إليك وحدك و ليس لي أحد سواك, آمنت بكتابك (القرآن الكريم). و(بنبيك الذي أرسلت). أي بمحمد نبيا و رسولا صلى الله عليه و سلم **من قالهن ثم مات تحت ليلته مات على الفطرة **. أي; مات على الإسلام.
** اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك **. ينبغي علينا تذكر الموت و البعث, في دعاء النوم و الاستيقاظ و التضرع لله عز و جل بالمغفرة من الذنوب, و الدخول في رحمته و التعوذ من عذابه.
أدعوا الله في أي وقت صباحا و مساء, وعند النوم و الاستيقاظ متأسيين بدعاء نبيكم صلى الله عليه و سلم لتنالوا الدرجة الرفيعة .
للمزيد أيضا فيما يقال من دعاء النوم و الاستيقاظ : موقع الإمام ابن باز
فاللهم علمنا بما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما .و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.