باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على خير خلق الله و بعد: دعاء حفظ الجوارح من الوقوع في المعاصي، المقصود بها حفظ حواس البدن التي يكتسب بها الإنسان وظائفه كاليدين باللمس و اللسان و العينين و السمع و البصر من الوقوع في المنكرات و تسخيرها في أعمال الخير التي يؤجرعليها من خالقه.

دعاء حفظ الجوارح من المعاصي
عن شكَل بن حُمَيد قال: قلت: يا رسول الله ! علمني دعاء أنتفعُ به , قال: **قل: اللهمَّ ! عافني من شرِّ سمعي و بصري , و لساني و قلبي , و شرّ مَنيِّي**.قال وكيع: منيِّي يعني الزنا و الفجور.
لقد خصّ نبينا حبيبنا و شفيعنا صلى الله عليه و سلم في دعاء حفظ الجوارح : السمع, و البصر, و اللسان, و القلب, بالحفظ و السلامة من الزيغ. لأنها مناط الشهوة و مثار اللّذة, و لا بد من السيطرة عليها لكي لا نقع في شر المنكرات, وانصياعها لأوامر الله عز و جل الذي خلقها فينا لننعم بها في حياتنا الحسية. و في حدود ما شرع لنا الله في استعمال حواسنا.
حفظ السمع و البصر
(اللهم عافيني من شر سمعي و بصري). طلب المعافاة من الله من شر المنكرات التي يقع سمعها على الأذن, و يقع نظرها على العين, أن تعافيني يا ربي كي لا أسمع ما يغضبك كالشرك بجميع أنواعه, و الكفر و الغيبة و النميمة, و الزور و البهتان, و المعازف الى غيرها من المحرَّمات.
و المعافاة في البصر, أن لا أنظر الى محرّم كالنظر الى محارم الله بغض البصر, و كذلك منه النظر بوجه الاحتقار الى عباد الله, (بحسب امرء من الشر أن يحتقر أخاه المسلم ).
حفظ اللسان و القلب من دعاء حفظ الجوارح
حفظ اللسان و القلب أساسيان في دعاء حفظ الجوارح, المعافاة من شر اللسان فلا أنطق الا خيرا, و لا أقول إلا حقا, و الدعاء لسلامة و صلاح القلب, و انشغاله بحب الله عز و جل و نقائه من الضغائن; كالحقد و الحسد و في الحديث أيضا ** ألا و إن في الجسد مضغة , إذا صلُحت صلُح الجسد كلّه , و إذا فسدت فسد الجسد كلّه , ألا و هيّ القلب**. متفق عليه.
(و شرّ منيِّي). العافية من أن يقع في غير محله, أو يوقعني في الزنا, من النظر و اللمس. و قال فيه وكيع الراوي; عن سعد بن أوس منيّي: يعني الزنا و الفجور, و يعني بها هنا كل الأسباب الغير المشروعة التي تستجلبُ المني, كاللمس المثير للشهوة, و الاستمناء و غير ذلك..
إن السمع و البصر وكل الحواس من نعم خلق الله, و ما خُلقت إلا لطاعته و ذكره, فواجب علينا الالتجاء و الاقبال بقلب سليم الى الله عز و جل; سائلين منه العفو و العافية في سمعنا و أبصارنا و صرفنا عن شر المنكرات. و خاصة ما يضر المسلمين, كف الأذى, و الابتعاد عن ظلم الآخرين, و ان لا نغتب بعضنا البعض, و مسك الألسنة الضارة من الكلام القبيح و الفاحش, و الابتعاد عن الغيبة و النميمة.
و بالتالي, فدعاء حفظ الجوارح يكون كف اللسان عن الكلام الضار للمسلمين, إذا تكلم المسلم يتكلم بما هو خير, و يتجنب سماع حوار الآخرين أي; لا يتجسس على إخوانه, والابتعاد عن سماع مزامير الشيطان كالغناء الفاحش, و يغض من بصره بعدم النظر الى محارم الله.
عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ** اللهم متِّعني بسمعي و بصري , و اجعلهما الوارث مني **.
دعاء حفظ الجوارح بالمنفعة بالسمع و البصر و الصحة و السلامة لكليهما عند الهرم إلى أن أموت، الحفظ من جميع الأسقام حتى أسخرهما في فعل الخير من أجل رضا الله.
للمزيد من شرح الحديث في موقع : الكلم الطيب
اللهم أمين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.